إِنَّآ ءَامَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَٰيَٰنَا وَمَآ أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ ٱلسِّحْرِ ۗ وَٱللَّهُ خَيْرٌۭ وَأَبْقَىٰٓ
﴿٧٣﴾سورة طه تفسير القرطبي
أَيْ صَدَّقْنَا بِاَللَّهِ وَحْده لَا شَرِيك لَهُ وَمَا جَاءَنَا بِهِ مُوسَى .
يُرِيدُونَ الشِّرْك الَّذِي كَانُوا عَلَيْهِ .
" مَا " فِي مَوْضِع نَصْب مَعْطُوفَة عَلَى الْخَطَايَا . وَقِيلَ : لَا مَوْضِع لَهَا وَهَي نَافِيَة ; أَيْ لِيَغْفِر لَنَا خَطَايَانَا مِنْ السِّحْر وَمَا أَكْرَهْتنَا عَلَيْهِ . النَّحَّاس : وَالْأَوَّل أَوْلَى . الْمَهْدَوِيّ : وَفِيهِ بُعْد ; لِقَوْلِهِمْ : " إِنَّ لَنَا لَأَجْرًا إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ " وَلَيْسَ هَذَا بِقَوْلِ مُكْرَهِينَ ; وَلِأَنَّ الْإِكْرَاه لَيْسَ بِذَنْبٍ , وَإِنْ كَانَ يَجُوز أَنْ يَكُونُوا أُكْرِهُوا عَلَى تَعْلِيمه صِغَارًا . قَالَ الْحَسَن : كَانُوا يُعَلَّمُونَ السِّحْر أَطْفَالًا ثُمَّ عَمِلُوهُ مُخْتَارِينَ بَعْد . وَيَجُوز أَنْ يَكُون " مَا " فِي مَوْضِع رَفْع بِالِابْتِدَاءِ وَيُضْمَر الْخَبَر , وَالتَّقْدِير : وَمَا أَكْرَهْتنَا عَلَيْهِ مِنْ السِّحْر مَوْضُوع عَنَّا . و " مِنْ السِّحْر " عَلَى هَذَا الْقَوْل وَالْقَوْل الْأَوَّل يَتَعَلَّق ب " أَكْرَهْتنَا " . وَعَلَى أَنَّ " مَا " نَافِيَة يَتَعَلَّق ب " خَطَايَانَا " .
أَيْ ثَوَابه خَيْر وَأَبْقَى فَحَذَفَ الْمُضَاف ; قَالَهُ اِبْن عَبَّاس . وَقِيلَ : اللَّه خَيْر لَنَا مِنْك وَأَبْقَى عَذَابًا لَنَا مِنْ عَذَابك لَنَا . وَهُوَ جَوَاب قَوْله " وَلَتَعْلَمُنَّ أَيّنَا أَشَدّ عَذَابًا وَأَبْقَى " وَقِيلَ : اللَّه خَيْر لَنَا إِنْ أَطَعْنَاهُ , وَأَبْقَى عَذَابًا مِنْك إِنْ عَصَيْنَاهُ .